تعتبر قصتي مع التهاب السحايا من أكثر القصص تمثيلاً بين عشرات التجارب والقصص الأخرى التي رأيتها، وأعتقد أن السبب في ذلك يعود إلى الفترة الطويلة التي عانيت خلالها من هذا المرض وكون هذه الحالة إنه أمر شائع نسبيًا، قررت أن أشارككم قصتي مع التهاب السحايا
جدول المحتويات
قصتي مع التهاب السحايا
أنا أحمد. لقد بلغت اليوم العقد الرابع من عمري، وقد بلغت ما يعادل نصف قرن. بالطبع هناك العشرات، وربما المئات من المواقف والقصص التي مررت بها خلال هذه الفترة، بعضها أتذكرها وكأنها واقعي وحياتي اليوم، وبعضها نسيتها إلى حد أنني جئت لدرجة عدم معرفة هذا.
لكن إحدى القصص التي لفتت انتباهي أكثر، والتي لا أعتقد أنني سأنساها في أي وقت قريب، هي قصتي مع التهاب السحايا. لكن قبل أن أبدأ بسرد قصتي التي عانيت فيها كثيراً من هذا المرض، لا بد لي من تعريفكم أولاً بالتهاب السحايا.
التهاب السحايا هو نوع من العدوى يؤثر على الأغشية الثلاثية المبطنة للدماغ والحبل الشوكي. عندما تلتهب هذه الأغشية، المعروفة باسم السحايا، تنتشر العدوى الالتهابية إلى السائل المحيط بهذه الأنسجة.
بدأت قصتي مع التهاب السحايا ببعض الأعراض البسيطة التي لم أعتقد أبدًا أنها مرتبطة بمرض التهابي بأي شكل من الأشكال يتعلق بالحبل الشوكي أو الدماغ: كل ما عانيت منه هو تصلب الرقبة والصداع والأرق الدوري.
ولا أخفيكم الأمر، في البداية لم أنتبه لهذه الأعراض. حقيقة أنني لأول مرة في حياتي أعاني من الصداع بشكل يومي؟
ومع استمرار تصلب الرقبة والصداع والأرق، شعرت وكأنني وصلت إلى سن السبعين، رغم أن تاريخي مع التهاب السحايا بدأ في حوالي الخامسة والثلاثين من عمري، لكن الألم مع أقل نشاط وانخفاض في سرعتي كانت الحركة ملحوظة، وأثرت عليّ بشكل كبير في كافة جوانب العمل والمسؤوليات المنزلية تجاه أطفالي وعائلتي.
تتفاقم الأعراض ويجب استشارة الطبيب
وبقيت على هذا الحال نحو شهرين، ولم تتغير حالتي إلا للأسوأ، لكن في أحد الأيام أذكر أنني وصلت إلى مرحلة كانت بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير. بدأ وزني ينخفض بشكل ملحوظ، وبدأت أتحول إلى شخص ضعيف، قليل النشاط، يميل إلى النوم، على عكس شخصيتي في السنوات الأخيرة.
كما أنني عندما أستيقظ أبدأ في دورة لا نهاية لها من الشعور بالغثيان والقيء، وأول ما جاء في ذهني هو أنني أعاني من مرض في المعدة، وفي الحقيقة كانت الأعراض تميل إلى أن تكون كذلك، ولكن عندما بدأت أشعر بأنني كنت أعاني من حساسية شديدة للضوء، بدأت… أدركت أنني كنت أعاني من مرض حقيقي لم يعد من الممكن تجاهله.
ذهبت إلى طبيب مختص بعد إلحاح غير مسبوق من زوجتي وأمي وأخي الأكبر، وبعد إجراء الفحص أخبرني الطبيب أن لديه بعض الشكوك حول طبيعة مرضي، وقد لاحظ الطبيب أن نبضات قلبي كانت منخفضة. أعلى من الطبيعي، وأنني كنت أعاني من مشاكل إدراكية لم أعاني منها من قبل.
ولكي يتأكد الطبيب مما أعاني منه ويتأكد من شكوكه من عدمه، طلب مني إجراء فحوصات دم وفحوصات وأشعة أخرى. في صباح اليوم التالي، كل ما كان علي فعله هو إجراء جميع الاختبارات وصور الاختبارات التي طلب مني القيام بها.
نتائج الاختبار بدد بثقة الشكوك
نتائج كل الفحوصات التي أجريتها أعلنت بالإجماع بداية قصتي مع التهاب السحايا، ففحوصات الدم مثلا أظهرت ارتفاعا كبيرا في كريات الدم البيضاء، مما يعني أن جسدي مدفوع بجهازه المناعي ودفاعه الأول يكافح نظام الجدار للتعامل مع العدوى الالتهابية.
نحن ندعوك للقراءة
بشكل عام، يعتبر فحص الدم الكامل لخلايا الدم البيضاء وكريات الدم الحمراء مؤشرا عاما على الصحة، لكنه ليس دقيقا في تحديد سبب المرض، فهو يخبرنا هل هناك خطأ ما أم لا، لذلك كان علينا اللجوء إلى نوع آخر من فحص الدم بعد أن أكد الطبيب إصابتي بالعدوى.
وكان التحليل أو الاختبار المختار عبارة عن اختبار ثقافة الدم أو تقرير ثقافة الدم، وهو ما يعرف باسم Blood Couture باللغة الإنجليزية. يشير هذا الاختبار المعملي في المقام الأول إلى ما إذا كان جسمك يعاني من وجود أي كائنات دخيلة أو غريبة.
يقوم أولاً بالبحث عن وجود الخلايا البكتيرية والفطريات وغيرها من أشكال الكائنات الحية الدقيقة التي يؤدي وجودها في الجسم إلى حدوث العديد من الأمراض، وقد أظهر هذا الاختبار وجود بعض البكتيريا في الدم مما يعني أنني أعاني من التهاب بكتيري.
تم تحديد نوع العدوى بدقة عن طريق التصوير المقطعي المحوسب. وأظهرت أنه بالإضافة إلى خراج الدماغ، كنت أعاني من التهابات في الجيوب الأنفية. وقد تسبب هذان العاملان في معاناتي الطويلة الأمد من الصداع المؤلم.
كما لاحظ الطبيب ظهور بقع أرجوانية تشبه الطفح الجلدي على جلدي وأخبرني أنني أعاني مما يسمى التهاب السحايا، وهو على الأرجح نتيجة عدوى بكتيرية في الجيوب الأنفية، مما يتسبب في انتقال البكتيريا إلى السحايا، أو أغشية ثلاثية تغطي الدماغ والحبل الشوكي.
الخوف من المضاعفات
خبر إصابتي بالتهاب السحايا جاء كالرعد على آذان أمي وزوجتي وأصدقائي الأحبة بعد بحث بسيط على أحد محركات البحث لمعرفة المزيد عن هذا المرض ومعرفة طبيعته.
وقد أثبتت العديد من المواقع والمقالات العلمية أن هناك عدة مضاعفات لهذا المرض، ومن أبرز المضاعفات والمخاطر التي تعرضت لها خلال تجربتي مع التهاب السحايا ما يلي:
- فقدان القدرة على السمع.
- مشاكل في الذاكرة.
- فشل كلوي.
- الصعوبات المعرفية والعقلية.
- إصابات ومشاكل في المشي.
- تلف في الدماغ.
كما يمكن أن يؤدي في النهاية إلى الوفاة إذا لم يتم تشخيصه وعلاجه مبكرًا وعلى الفور بعد معرفة إصابة الشخص.
كانت رحلة الشفاء بمثابة بداية النهاية لقصتي.
في كثير من الحالات، يتم حل حالات التهاب السحايا الفيروسي خلال فترة زمنية معينة. من 7 إلى 10 أيامومع ذلك، في بعض الحالات كانت هناك مضاعفات خطيرة تتطلب رعاية طبية في المستشفى، وكانت شدة الأعراض المتزايدة في تجربتي مع التهاب السحايا مؤشراً على الحاجة إلى طلب الرعاية الطبية.
علاوة على ذلك فإن نوع التهاب السحايا الذي كنت أعاني منه كان بكتيري المنشأ ويتطلب تدخل علاجي فوري، حيث أن البكتيريا سرعان ما انتشرت إلى الدماغ والسحايا والحبل الشوكي ككل، وكان مسار العلاج يتكون من جزأين، مما جعل الفرق: الوقت والمضادات الحيوية عن طريق الوريد.
وعلمت أيضًا من أحد الأطباء المتخصصين أنه لا يوجد نوع محدد من المضادات الحيوية لعلاج التهاب السحايا. بل يتم تحديد نوع المضاد الحيوي بناء على عدة معايير مثل نوع العدوى ومرحلة تطور المرض والعمر والجنس وغيرها من الأمور، وخلال أسابيع قليلة من الخضوع لهذه الدورات العلاجية واتباع نصيحة الطبيب ، لقد شفيت بفضل الله تماماً من هذا المرض الذي لم يفارق ذاكرتي أبداً.
ومن الجدير بالذكر أن الأطفال هم الفئة الأكثر عرضة لخطر الإصابة بالتهاب السحايا، وخاصة الأطفال دون سن الخامسة، لذا فإن التطعيمات ضد التهاب السحايا ليست من الأمور التي يتمتع الأهل برفاهية اختيارها لأنها قد تؤدي إلى وفاة أطفالهم دون أي مبالغة. .