تكشف قصائد شعر نزار قباني عن القمر معانٍ متنوعة توضح درجة جماله وقدرة الخالق على خلقه، وفي العديد من القصائد خصص نزار الحديث عن الظواهر الجمالية في الطبيعة، وربطها بمعاني متنوعة التي تعبر عما يشعر به في وجدانه، ومن خلال ذلك سنذكر بعض أبيات نزار عن القمر.

شعر عن القمر لنزار قباني

من يذهب إلى القمر لا يفشل، وإن فشل تصبح النجوم استقراره ومصيره… هل تتخيل لو ذهبت إلى القمر ووجدت نفسك في صفوف النجوم لترى كم هو جميل، مصنوع بإبداع دقيق ومتقن وخالي من العيوب على الإطلاق، وعلى الرغم من أن القمر يبدو حزينًا وانعكاسه يمثل الحزن أيضًا، إلا أنه علامة من علامات الجمال، لذلك عندما تصف شخصًا ما بالقمر، فإنك تسميه جميلًا.

كثير من الشعراء تعلقوا بالقمر، ولماذا لا، وهم أشخاص مقربون لا تغلق أجفانهم، بسبب مشاعرهم الغامرة التي تندفع في قلوبهم ولا تغادرهم حتى في الليل، فتتبادر إلى أذهانهم الأفكار وفي المساء حين يذهب النوم مع الريح ماذا يمكن أن يقال عن الليل والقمر والنجوم… في وصف ضمائرهم.

وفي عمل الخالق وقدرته على خلق القمر، توصل نزار قباني إلى إدراكه معنى معبراً في أشعاره، وكم من قصائد كتبها احتوت على كلمة القمر بمعنى أو بآخر، من هنا أحضرنا لكم مجموعة من تلك القصائد التي نبدأها بأشعار نزار قباني عن القمر على النحو التالي:

لقد كتبت “أحبك” على جدار القمر

أحبك بقدر ما لم يحبك أحد من قبل

ألم تقرأها بخط يدي على جدار القمر؟

وفوق كراسي التشمس وفوق جذوع الأشجار

فوق السنابل، فوق الجداول، فوق الثمار..

وفوق النجوم ينمحي عنها غبار السفر.

فقلت لها: يا الله ما أكرمها هذا الرجل.

أيام كنا كالعصافير تغرد وتغرد

نحن نطارد الفراشة البيضاء ونفوز.

ونحن ندفع القوارب الزرقاء عبر النهر

وأخطف قبلة من ثغرة بريئة قصيرة.

نحن نقسم النجوم إلى ذرات ونحصي ما ينكسر.

يا سمكة تسبح في ماء حياتي

أيها القمر الذي يشرق كل مساء من نافذة الكلمات

أوه، أعظم غزو من كل غزواتي

يا آخر بلد ولدت فيه ودُفنت

وأنشر كتاباتي هناك.

سأل خماش عن القمر

الشهر مستيقظ في الحديقة، ونور الشمعدانات يتدفق، وأنهار من الشموع والكلمات!

القمر يغرق في بحر الحناء في الشهر الكريم!

لذا، أيها الأحباء، تعلموا إشعال الشموع!

نجد الحياة في القمر، فهي التي تنير أعماق الظلام، فيخترق النور الظلام، ويعود اليأس إلى أمل. يا له من معنى رائع، لأن القمر الساطع لا يضيء السماء فحسب، بل يضيء قلوبنا بالفعل.

قصيدة : الحب يا حبيبي .

نحن نعلم أننا جميعا مثل القمر. لكل منا جانب مظلم يكشف عن نفسه لمن يستحقه، وجانب مشرق يهدي قلب الإنسان وينيره بالحب والمشاعر الطيبة. إلا أن هذا الجانب المظلم لا يمكن رؤيته إلا بالعين المميزة… كما هو الحال مع القمر المضيء أمامنا ليلاً، فكم منا يعتقد أنه مظلم؟

وقد عبر نزار قباني عن هذا المعنى الخفي برواية قصيدته “الحب يا حبيبي” التي ذكر فيها القمر. وكان من قصائده ما يلي:

أحب حبيبي

قصيدة جميلة مكتوبة على القمر

الحب مكتوب على كل الأوراق

الحب محفور على ريش الطيور

وقطرات المطر

ولكن أي امرأة في بلدي

إذا كانت تحب رجلاً

رميت خمسين حجرا

كل ما تحتاجه لرؤية القمر هو مجرد حلم، أغمض عينيك وأطلق العنان لخيالك ليملأك بما يتمناه قلبك ويحقق فوائده. ربما في الحلم تعبر القمر وتتجاوزه لتلمس النجوم، وهنا تصبح مشاعرنا حقيقة أحياناً فقط في مخيلتنا.

قصيدة : دورنا القمر .

قديماً… كان القمر يقود الناس إلى النور، ويرشدهم حتى لا يضلوا، وضوء القمر هو بمثابة وميض الحب المشتعل، ينير النفس ويجلب السلام إليها، وهو انعكاس القلب في النفس. زمن الظلمة… هو الأمل أن يرى أحد القمر في منتصف ليل مظلم، إنه وميض. يلمع في السماء المظلمة، فهو يرمز إلى الأمل والفرج، وكذلك إلى اليأس. السلام ولا تجد ملجأ يتشبث به إلا رب السماء.

مثال آخر لقصائد نزار قباني القمرية نجده في قصيدته الشهيرة “دورنا القمر” التي عبر فيها عن مشاعره وما شعر به في تلك اللحظة. وكان التعبير مصحوبا بذكر القمر. ومن قصائده:

كنت جائعاً… والمنحدر جائعاً

مازلت أنتظر..

أنا هنا وحدي.. على

الحجاب الرمادي شرقا

الكذب على القمم

تومض الفكرة من خلال رأسي

إنني أتطلع إلى النوافذ الزرقاء

عن حزن التجديف..

أقول: ما الذي منعها؟

فستانها… أم زهور؟

لقد تعلقت الأم روز

بقطار ثوبها العطر؟

أم الفراشات… تداس

تحت قدميها… جماعات؟

وجئت… منفصلا

خضرة تحت الحجر..

ملفوفة في شال

لا يستحق المشاهدة

لقد سئمت من الضوء..

وأوضح من دموع المطر

ناهد تخفي… نصف نفسها

التفت… ونصفه لا يعرف

قالت: صباح الخير..

هل هذا أنت يا عزيزي؟

أليس هو نفسه؟

هل كنت فتى خطير؟

إجعلني… على الصخور

ألعب.. وأقص شعري..

إذا وقفنا… سيكون بالداخل.

وجوهنا لها ألف أثر

كنا نطرز الربا

ثم…وغيرها من الألعاب

المشي من خلال الندى

إنهم مرتبطون بالأشجار

يا له من ولد كنت… أوه

هل أحب طفلاً في هذا العمر؟

***

قلت لها: والله..

كم هو نبيل هذا الرجل

أيام كنا مثل الطيور

الغناء.. والصيف

نحن نطارد فراشة بيضاء

ثم سوف نفوز

نحن ندفع القوارب الزرقاء…

في نهر..

وأخطف قبلة من

ثغرة..بريئة..قصيرة..

نحن ندعوك للقراءة

ونقوم بتفتيت النجوم إلى ذرات

ولننظر إلى ما انكسر..

من المستحيل من حولنا

غروب الشمس.. شلال صور

القصة عنا.. ثم

كل وردة خبر!

طُلب مني ذات مرة أن أقول:

نحن نغير القمر…

مع القمر… أخبرني حقاً متى تظلم الأرض؟ متى يمكن إخفاء الحقيقة؟ من يريد القمر لا يتجنب الليل، وكذلك من يريد الحقيقة لا يخجل من نفسه، وهذا هو حال المحب عندما يلجأ إلى الحب ولا يستطيع الهروب.

قصيدة: الخبز والحشيش والقمر.

ومثال آخر قصيدة نزار قباني التي تحدثت أبياتها عن القمر. وذكر كم كانت رائعة وجميلة، تنير كل ما كان مظلمًا. هذا هو صديق الرجل الوحيد الذي لا يجد في الناس عزاء، فاتجه إلى السماء ليتخذ القمر خير رفيق له، ومن قصائد نزار قباني الشعرية عن القمر ما يلي: :

عندما يولد القمر في الشرق…

الأسطح البيضاء تغفو

تحت باقة من الزهور..

يغادر الناس المتاجر ويسيرون في مجموعات.

لقاء القمر…

يحملون الخبز… والجرامافون… إلى أعلى الجبال.

ومعدات التخدير…

ويبيعون… ويشترون… خيالا

والصور ..

وسيموتون إذا عاش القمر…

ماذا يفعل قرص الديا؟

في بلدي..

في أرض الأنبياء…

والدول بسيطة..

متعاطي التبغ وتجار المخدرات..

ماذا يفعل القمر بنا؟

نحن نفقد فخرنا.

نحن نعيش لنطلب الجنة .

ماذا يوجد في السماء؟

للكسالى..الضعفاء..

كانوا سيموتون لو عاش القمر.

يهزون قبور القديسين.

ولعلها تزودهم بالأرز… والأطفال… قبور القديسين.

أنها توفر السجاد الأنيق والفاخر.

إنهم يستمتعون بالأفيون، الذي نسميه الحشيش.

و احكم…

في بلدي…في بلد البسطاء…

أي: الضعف والانحلال.

إنه يعتني بنا عندما يتدفق النور

سجاد.. وآلاف السلال..

الكأس… والأطفال… يستولون على التلال

في بلدي

حيث يبكي الناس السذاجة

إنهم يعيشون بالنور الذي لا يستطيعون رؤيته.

في بلدي

حيث يعيش الناس بلا عيون.

حيث يبكي السذج…

وهم يصلون…

ويرتكبون الزنا..

ويعيشون في التبعية..

منذ أن عاشوا في حالة من التبعية..

ينادون الهلال :

“يا هلال..

يا ربيعاً يذرف مطر الماس…

وبرّي.. ونائم..

يا سيد الرخام المعلق

“أنت شيء لا يصدق.”

يحيا الشرق… لنا

كتلة الماس

للملايين الذين انقطعت حواسهم

في الليالي الشرقية عندما…

اكتمال القمر يصل…

لقد تجرد الشرق من كل كرامته

و القتال…

ملايين البشر يركضون بدون أحذية..

الذي يؤمن بأربع زوجات.

و يوم القيامة…

ملايين لا يستقبلهم الخبز..

فقط في الخيال..

الذين يعيشون في المنازل يسعلون ليلا.

لم أكن أعرف أبدًا كيف يبدو هذا الدواء.

الأجسام تسقط تحت الضوء.

في وطني حيث يبكي الحمقى…

ويموتون بالدموع..

كلما تحركوا بعصا مذلة.. و”الليالي”

هذا هو الموت الذي نسميه في الشرق..

“الليالي” والغناء

في بلدي..

في بلاد البساطة…

حيث نتعانق طويلا..

الوحش الذي دمر الشرق…

الأوشحة الطويلة…

شرقنا المكتئب… تاريخ

وأحلام كسولة..

وخرافات قديمة…

شرقنا، الباحث عن كل الأعالي

كم من الناس حلموا بالذهاب إلى القمر، لأن معجزة هذه الرحلة، أكثر من أي شيء آخر، أشعلت حواس الناس واهتمامهم ليروا ما بداخله ومما يتكون، لكن الإيمان يبقى مخفيا في رؤية القمر بأعينهم. بالقلب لا بالعين… هذا ما وجدناه في أشعار نزار عن القمر قباني.

يحب الأطفال القمر لجمال صورته، لكن عندما يكبرون يتخلون عنه لأنه يذكرهم بالليل والوحدة، فيلجأون إلى الشمس الدافئة ليستمدوا منها دفء المشاعر والقلب الحنون. وأننا نجد تلك المظاهر الكونية في أشعار الشعراء، تعبر عن المعاني الخفية لمشاعرهم بظلال أكثر من رائعة.

القمر هو منظر يأسر الأذهان عند النظر إليه بعناية، خاصة عندما يكون بين البدر ونصف القمر. ألا يستحق هذا أن يكتب الشعر عنه؟