هناك سورة تحتوي جميع آياتها على كلمة “العظمة” وربما عرفت باسمها في القرآن، لكن هذا الوصف لها لا يحظى بقبول واسع بين الناس ولا أحد يعلم أن هذه السورة الوحيدة وفيها كل الآيات تتضمن كلمة “العظمة”. وسننفرد بعرض كافة تفاصيل هذه السورة الكريمة بشرحها جميعها. تعاليمه، وسبب نزوله، وأحكامه، وثوابته.

سورة، جميع آياتها فيها كلمة العظمة.

إذا كان سؤالك عن سورة كريمة جميع آياتها فيها كلمة الجلالين فهذه سورة المجادلة. وهذه السورة الكريمة هي إحدى سور القرآن المدينة، أي التي نزلت. النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة المنورة، ودرجته في القرآن الكريم مائة وثالثة.

نزلت قبل نزول سورة التحريم وبعد نزول سورة المنافقين. عدد آياتها اثنتان وعشرون آية، وسميت بهذا الاسم لأن بدايتها كانت تتعلق بخصام بين امرأة والنبي حول زوجها في احتجاجه عليها.
(لقد سمع الله قول المرأة التي تجادلكم في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع خلافكم إن الله سميع بصير لمن تمردوا عليه من أزواجه) …ليست أمهاتهم إنما أمهاتهم الذين ولدوهم إنهم يقولون قولاً منكراً وكذباً إن الله كان غفوراً غفوراً). [سورة المجادلة، الآيات رقم 1، 2]
وكانت هذه الحادثة معروفة في ذلك الوقت ومنتشرة بين الناس، وهناك أكثر من حديث شريف وصحي يدل ويؤكد وقوع هذه الحادثة، عن السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها. لها، قال:
«تبارك الذي وسع سمعه كل شيء، إني أسمع كلام خولة بنت صلاة، قد خفي عني بعضه، وهي تشتكي إلى زوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، تقول: يا رسول الله، أكلت شبابي، وتناثرت هذا بطني، حتى إذا كبرت ولم يكن لي ولد، ظهر مني: اللهم إني أشكو إليك، فلم أزل حتى جبريل افتتحت هذه الآيات: “لقد سمع الله قول المرأة التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله”.
رواه عائشة بنت أبي بكر ورواه الألباني المصدر: صحيح بن ماجه، قرار الحديث: صحيح.

سبب نزول سورة المجادلة

حديثنا عن سورة المجادلة، وهي سورة تحتوي جميع آياتها على كلمة “سبحانه”، يشجعنا على التعمق أكثر ومعرفة سبب نزولها أصلا، والسبب الرئيسي هو تنظيم العلاقات. بين الزوجين في العالم الإسلامي. نشأت فكرة هذه السورة من مشكلة كانت موجودة في عصور ما قبل الإسلام عند العرب وحتى بعد ظهور الإسلام، وهي الظهار الذي اعتبره العرب في ذلك الوقت عملية احتيال.

والظهار هو أن يقول الرجل لامرأته: أنت علي كظهر أمي. تحمي زوجها ولا تستطيع أن تطلقه. وهذا ما حدث لخولة بنت سلمة التي ذهبت إلى النبي. صلى الله عليه وسلم حتى تشتكي إليه احتجاج زوجها أوس بن الصامت عليها.

وهنا أخبرها النبي صلى الله عليه وسلم أنها حرمت عليه فأجابته بقوله:

ولي أطفال إذا ضغطت عليهم ضلوا، وإذا ضغطت عليهم جاعوا».

فأجابها النبي أنه لا يستطيع أن يجلب لها أي فائدة من قضيتها، فقالت إنها تشتكي قضيتها إلى الله، وطبعا الله تعالى سمع هذا الحوار أو الخلاف الذي كان يحدث بين هذه المرأة والنبي. ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

وهنا نزل الوحي على النبي في هذه السورة بغرض تنظيم العلاقات ووضع أحوالها في المجتمع الإسلامي، كما نزلت هذه السورة لتشمل أحكاما وتحدد حدودا لأمور أخرى كثيرة مثل الظهار والكفارة التي فرضت. على ظاهر، وكذلك أحكام التناجي والزكاة عن النبي، وكذلك آداب الاجتماعات وتجنب… التعلق بأعداء الله من المنافقين واليهود، وذلك ما الآيات العشر الأولى من السورة موجهة إلى.
(والذين نجوا من أزواجهم ثم رجعوا إلى ما قالوا فأعتقوا الرقاب من قبل أن يتماسوا ذلك الذي تنذرون به والله يعلم أنكم تفعلون فمن يفعل). فإن لم تجدوا فصيام شهرين متتابعين قبل أن تماسوا، ومن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا، ذلك لتؤمنوا بالله ورسول الله، وهذه الحدود لله وللكافرين عذاب أليم).
[سورة المجادلة، الآيات رقم 3،4]

نحن ندعوك للقراءة

المواضيع التي تناولتها سورة المجادلة

وقد سلطت السورة التي تضمنت كلمة “العظمة” في جميع آياتها الضوء على العديد من المشكلات الاجتماعية التي نشهدها اليوم. زمن وجود النبي صلى الله عليه وسلم، وتحديداً زمن نزول سورة المجادلة في ذلك الوقت، إلى عصرنا هذا.

فمثلاً قضية الظهار من القضايا المنتشرة في المجتمع الإسلامي حتى في عصرنا الحالي. ونجد أن كثيراً من الرجال يظهرون على زوجاتهم أو يحلفون عليها يمين الطلاق في أمور بينهما لا يقتضي كل هذا الالتباس، ولا نبالغ إذا قلنا أن بعض النساء في هذه الأيام تظهر لأزواجها وتصبح علاقاتها… الزواج في خطر الانهيار.

كما تتحدث السورة عن السلوك الاجتماعي غير المرغوب فيه للمسلم لأنه يخلق نوعاً من الكراهية والبغضاء بينه وبين الآخرين، مثل عدم ترك مكان للآخرين في المجلس، وترك بقية الناس واقفين. الوقوف على قدميك لفترة طويلة، أو الجلوس على الباب، أو حتى العودة والخروج من مجلس أو مجلس، وأخيراً هذا عمل أناني وسلوك لا يليق بالمسلم.

كما تذكر سورة المجادلة أناساً من المنافقين الذين يحملون اسم الإسلام وفي أعماق أنفسهم مستعدون للتخلي عن الدين والتضحية به لمصلحتهم، ويحدث ذلك من خلال نشر الفجور والشبهات بين صفوف المسلمين من أجل تقسيمهم. ويمنعهم من اتباع سبيل الله وما يرضيه، والآيات تحذر الكرام من هذا النوع وتنهاهم عن اتباع طريقهم.

وجاء في سورة المجادلة أن الله يعلم ما في قلوب عباده مهما أخفوه. وفي المناجاة السرية مع أحد فلا ينبغي الحديث فيه عن ضرر أو شر أو أذى، كالنصيحة في ارتكاب المعصية مثلاً.

الدروس المستفادة من سورة المجادلة

إن سورة المجادلة تعلمنا الكثير من الدروس الجليلة التي يجب علينا كمسلمين ألا نهمل تطبيقها في حياتنا.

  • مراقبة الله وحفظه في السر والعلن، لأنه يعلم ما تخفي الصدور، ويعلم كل ما في الأرض وما في السماء.
  • فالعبد التقي الأمين لا يتكلم في سره بما يغضب الله، ولا يسره أن يقول إلا خيرا.
  • الإيمان بالله ومعرفة أن كل مؤامرة تُدبَّر على العبد لا تتم إلا بعلم الله وإذنه.
  • الاعتماد الكامل والمطلق على الله عز وجل ولا أحد غيره.
  • عند جمع الناس، يجب عليك إعطاء المجال والمساحة للآخرين.
  • ومن لم يطيع أوامر الله ولم يمتنع عن نواهيه فلا يعتبر مؤمنا.
  • ولا ينبغي أن تكون هناك مودة أو محبة بين خصوم الله تعالى وأعداءه.
  • المؤامرات لا تأتي إلا من الشيطان لتدمير حياة الإنسان.

تعتبر سورة المجادلة أو السورة التي تحتوي جميع آياتها على كلمة “عظمة” من أهم وأجمل سور القرآن الكريم في كل التاريخ، حيث تسلط الضوء على بعض المشكلات الاجتماعية والأنماط السلوكية البسيطة ولكن لها معنى مهم. تأثير أعمق مما قد يبدو.